بسم الله الرحمن الرحيم
اللَهٌمَ صَل ِعَلى مُحَمْدٍ وَآل ِ مُحَمْدٍ الْطَيّبْينَ الْطَاهِرّيْنَ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للعودة إلى الله تعالى أسرار وأصول ومنهج، فمن أحسن استخدام تلك الأصول والمناهج في العودة إلى الله يسّر الله تعالى أسباب العودة، ومن لم يحسن استخدام تلك الأصول والمناهج لا تتيسر له العودة.
ومن أسرار العودة ومناهجها حالة الذل والإنكسار بين يدي الله تعالى، ولن يكن العبد أقرب إلى الله في حال، ولا أسرع في الرحلة إلى الله تعالى من حالة الذل والانكسار.
فإنّ الطريق إلى الله من "خلال النفس" وليس من "خارج النفس". وداخل النفس الإنسانية طرق كثيرة للعودة إلى الله، ومن أرحب هذه الطرق وأوسعها وأسرعها (الذل والإنكسار) بين يدي الله تعالى. وأقرب الدعوات إلى الاستجابة دعوة الذليل المنكسر بين يدي الله.
وأما من يريد العودة إلى الله على طريق الإعتداد بالنفس والشموخ بين يدي الله فقد يصل إلى أيّ شيء آخر، إلا أنه لن يصل إلى الله تعالى.
فإنّ أبواب رحمة الله مفتوحة على الناس، ورحمة الله تفيض على الناس فيضاً من غير توقف ولا حساب، وليس في رحمة الله تعالى شحّ ولا بخل، ولكن القلوب تنغلق على رحمة الله وفضله، فإذا انغلقت القلوب فلا تنفعها هذه الرحمة النازلة التي تصب من عند الله تعالى عباده صباً.
فإذا فتح الإنسان قلبه على الله نزلت عليه هذه الرحمة من دون حساب.
وليس شيء يفتح مغاليق قلوب الناس على رحمة الله تعالى أفضل من حالة الذل والإنكسار. فإنّ الإنسان إذا ذلّ بين يدي الله، وانكسر لم يبق باب موصد على الله في قلبه إلا انفتح على الله.
وفي منهج الأدعية المأثورة عن أهل البيت – عليهم السلام – تأكيد على هذا النحو من التذلل والإنكسار بين يدي الله، في (رحلة العودة إلى الله).
ونماذج ذلك كثيرة، ونصوص الأدعية المأثورة عن أهل البيت غنية بهذه الحالة، وفيما يلي نذكر نموذجاً من الدعاء الذي علّمه الإمام الصادق (ع) لأم داود، وهو وارد في اعمال شهر رجب.
وإليك هذا المشهد الرائع من مشاهد الإنكسار والتذلل بين يدي الله تعالى في رحلة العودة:
(وارحم ذلي وفاقَتي، وفَقري، وانفرادي، ووحدَتي، وخضوعي بينَ يديكَ واعتمادي عليكَ، وتضرُّعي إليكَ، ادعوكَ دُعاءَ الخاضع الذَّليل، الخاشِع، الخائِف، المشفِق، البائِس، المهين، الحقيرِ، الجائع، الفقير، العائذ، المستجير، المقر بذنبه، المستغفر منهُ، المستكين لربه، دعاءَ من اسلمَتْهُ ثقتهُ، ورفضته أحبَّته، وعظُمَت فجيعتُهُ، دعاءَ حِرقٍ حزين، ضعيفٍ، مهينٍ، بائسٍ، مستكينٍ بكَ، مستجير).
وهذه المفردات الواردة في هذه الفقرة من الدعاء تجسد حالة إنكسار العبد بين يدي الله، من ذل، وفاقة، وفقر، وانفراد، ووحدة، وخضوع، واعتماد على الله، والتضرع إلى الله، والذل، والخشوع، والخوف، والإشفاق، والهوان، والحقارة، والجوع، والاستعاذة، والإستجارة بالله، والإقرار والإعتراف بالذنب لله، والحزن، والفجيعة والبؤس، والإستكانة.
هذه المفردات بعض عناصر هذا المشهد الفريد الذي يجسد عبودية الإنسان وذله وهوانه بين يدي الله تعالى
| |
الموضوعالأصلي : الذل والانكسار المصدر : منتـديات الشـارف الكاتب: